الحكم على حديث: (من ضرب زوجته ظلمًا ...)

السؤال:

نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة المستمع (س. س) من الجنوب، أخونا عرضنا بعضًا من أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يقول: سمعت أن هناك حديثًا معناه أن الذي يضرب زوجته ظلمًا بدون سبب فإن رسول الله ﷺ يكون خصمه يوم القيامة!! فهل معنى هذا صحيح؟ وهل ورد ما يفيد ذلك عن رسول الله ﷺ؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فلا أذكر شيئًا في هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه ﷺ أوصى بالنساء خيرًا فقال: استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن عوان عندكم، يعني: أسيرات عندكم، ونهى عن ظلمهن والتعدي عليهن، وأمر بإحسان العشرة كما أمر الله بهذا في قوله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال : وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، وقال عليه الصلاة والسلام لما سأله معاوية بن حيدة القشيري فقال: يا رسول الله! ما حق زوج أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت، فالمؤمن يعتني بزوجته ويكرمها ويحسن عشرتها ولا يظلمها. هذا هو الواجب عليه أن لا يظلمها لا في نفسها ولا في مالها ولا في عرضها.

فإذا ظلمها خصمه الله أعظم، أعظم من الرسول ﷺ، خصم الظالمين الرب ، هو الذي يجازيهم بما يستحقون كما قال : وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19]، وقال سبحانه: وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [الشورى:8]، وقال النبي ﷺ: يقول الله : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر -يعني: عاهد ثم غدر- ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره، خرجه البخاري في صحيحه.

 يقول الله : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، الله خصمهم ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، يعني: أعطى بي العهود ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، كما قد يقع فيما مضى من بعض الناس يسرق بنات الناس أو أولاد الناس ويبيعهم على أنهم عبيد وهو كاذب، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره.

وهكذا يكون الله خصم من ظلم امرأته بغير حق أو ظلم عبده بغير حق أو خادمه بغير حق أو ولده بغير حق أو جيرانه بغير حق أو غيرهم من المسلمين، فالله خصمه يوم القيامة، ومن كان الله خصمه فهو مخصوم، والله أعظم من رسوله عليه الصلاة والسلام، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ظلم زوجته أو ظلم أهل بيته من أولاد ذكور أو إناث.. من أخوات.. من خادمات.. من غير ذلك.

وهكذا ظلم الجيران بالكلام السيئ أو بالأفعال القبيحة أو برفع صوت المذياع حتى يؤذيهم به أو ما أشبه ذلك مما يتأذى به الجيران، يقول النبي ﷺ: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، في اللفظ الآخر فليكرم جاره، وفي اللفظ الثالث: فليحسن إلى جاره.

وبهذا تعلم أيها السائل أن ظلم الزوجة وظلم غير الزوجة كله أمر محرم، والله خصم الظالمين يوم القيامة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وقال عليه الصلاة والسلام: يقول الله : يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، نسأل الله للمسلمين العافية والهداية. نعم.

المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة