حكم الغياب عن زوجته مدة طويلة طلبًا للرزق

السؤال:

بعد ذلك ننتقل إلى رسالة السودان، السائل: (أ. أ) يقول: سماحة الشيخ! كثيرًا من الناس تدعوهم الظروف المعيشية طلبًا للهجرة، تاركين الزوجات، ومكتفين بإرسال المصروف دون مراعاة العودة، وضاربين بحقوق الزوجة عرض الحائط، السؤال: ما الحكم الشرعي، وما هي المدة القصوى لغياب الزوج عن زوجته في الحد الأدنى؟ جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

ليس لهذا حد محدود كما نعلم شرعًا، ولكن يجب عليه أن يراعي حقها، فإذا سافر لطلب الرزق، وكسب الرزق، ثم يرسل لها حاجاتها، ونفقاتها؛ فلا بأس، وإذا كان يخشى عليها من بقائها وحدها؛ يجب عليه أن ينقلها معه، أو يبقى في البلد، ويطلب الرزق في البلد التي هي فيه، أو يطلقها، أما أن يهملها، ويضيعها؛ فلا يجوز، منكر ولا يجوز، بل يجب أن ينفق عليها، أو يوكل من ينفق عليها، ويذهب لطلب الرزق إذا كان بلده ما فيه عمل، يذهب يطلب الرزق في بلد آخر، ويرسل إليها حاجاتها، ونفقاتها، أو ينقلها معه، كل هذا واجب عليه، إلا إذا طابت نفسه منها ولا يريدها؛ فإنه يطلقها طلقة واحدة، والرزق عند الله، يقول الله : وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130].

وإذا كان السفر في سبيل الله، وفي سبيل الجهاد، فهو مأمور بالطاعة لولاة الأمور، وكان عمر إذا أرسلهم يحد له ستة أشهر، ثم يقدمون إلى أهليهم، وهذا من اجتهاده  فإذا جعل ولي الأمر لهم ستة أشهر، أو أربعة أشهر إذا كان السفر بأمر ولي الأمر؛ فلا بأس يصبرون، يذهب ستة أشهر .. أربعة أشهر، على حسب ما يحدد ولي الأمر، وأكثرها ستة أشهر، كما فعله عمر، ثم يرجع إلى أهله.

أما إذا أمكن أن تسافر معه زوجته في البلد، في بلد العمل الذي أرسل إليها كالسفير ونحوه؛ فإنه يسافر بها؛ حماية لها من الشر، وقضاء لوطره ووطرها، وحماية لأنفسهما جميعًا من الشر، فهو في حاجة إليها، وهي في الحاجة إليه.

لكن إذا كان هناك موانع من السفر بها، فإنه يرسل نفقاتها، ويجتهد في العود إليها سريعًا، وإذا طلبت الفراق؛ فهذا يرجع إلى المحكمة الشرعية، إذا قصر في حقها، وظلمها؛ يرجع إلى المحكمة الشرعية في النظر في هذا الأمر، لكن عليه أن يتقي الله، وأن لا يحوجها إلى المحكمة، عليه أن يتقي الله، وأن يصطلح معها على وجه لا يضرها، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ. 

فتاوى ذات صلة