الحد الذي يغيب منه الرجل عن زوجته

السؤال: الرسالة الثالثة في حلقة هذه الليلة وردتنا من المستمع السيد عبد الحليم عصام ، مصري يعمل في العراق، يقول في رسالته: ما حكم الإسلام في رجل يترك زوجته بحجة السفر للعمل، وقد يظل متغرباً عنها عام أو عامين، وهناك من يترك زوجته ثلاثة أعوام، ولا تستطيع الزوجة أن تمنعه من السفر؛ لأن هذا عيب في العرف السائد، فما هو الحكم في حق الزوجة الضائع دون رضاً منها، وقد يتسبب هذا في نشر الرذيلة في المجتمع حيث يضيع دين المرأة دون رقيب إلا نفسها، فما هو حكم الشرع في ذلك، وكم هي الأيام التي تصبر فيها المرأة عن زوجها، أفتونا جزاكم الله خير؟

الجواب: ليس في هذا أيام معدودة ولا محدودة، ولكن الواجب على الزوج أن يتقي الله في زوجته وألا يغيب عنها غيبة طويلة يكون فيها خطر عليها من جهة الرذيلة، من جهة الفساد الخلقي، ينبغي له أن يلاحظها ويعتني بها، وإذا أمكن أن يكون العمل في البلد التي هي فيه حتى يكون عندها ويبيت عندها يكون هذا هو الأصلح، وإذا كان لم يتيسر ذلك فينبغي له أن يلاحظها بالزيارة لها بين وقت وآخر قريب حتى لا تقع في أمر لا يحمد عقباه، وقد ورد عن عمر أنه حدد للجنود ستة أشهر، وهذا من باب الاجتهاد منه رضي الله عنه.
وقد ذكر العلماء أن هذا يختلف، فقد تكون الستة مناسبة وقد يخشى على المرأة في أقل من ذلك، فينبغي للزوج أن يلاحظ حال زوجته وحال البلد التي هي فيه، ومن حولها من الناس، فينبغي له أن يلاحظ سلامتها وأمنها، فإذا كانت الستة طويلة عليها وخطيرة فينبغي له أن لا يطول، بل يتصل بها بين وقت وآخر كالشهر والشهرين أو أقل من ذلك، ومهما أمكن أن يكون قريباً منها فهو الواجب لاسيما في أوقات الخطر مثل هذه الأزمنة؛ لأنه كثر فيها الشر وقل فيها الأمن في غالب البلاد وكثرت فيها الفواحش ولاسيما المرأة إذا كانت وحدها فالخطر عليها عظيم، وإذا كانت عند أهلها المأمونين صار الأمر أقل خطراً وأسلم، فعلى الزوج أن يلاحظ هذه الأمور وأن يتقي الله، وإذا كان ولابد من سفر فليجعلها في محل آمن عند أهلها، أو يكون عندها من المحارم أو النساء من يطمئن إليه حتى يكون ذلك أقرب إلى السلامة.
وأما حد محدود فليس هناك حد محدود سوى ما روي عن عمر وأرضاه في ذلك وهو: ستة أشهر، وهذه الستة قد يقوى الزوج على الحضور فيها وقد لا يقوى، قد يكون في حاجة إلى طلب علم، قد يكون في حاجة إلى طلب الرزق ما عنده في بلاده مكسب، وقد لا يتيسر له الستة قد يكون العمل يحتاج إلى أكثر من ستة أشهر ويضطر إلى الزيادة، فينبغي له في هذه الحال أن ينقلها معه إذا أمكن أو يجعلها في محل آمن.
والخلاصة: أن الواجب عليه تقوى الله في ذلك، وأن يحرص على سلامة زوجته، وعلى الحيطة في حقها، إما بنقلها معه، وإما بتعجيل السفر إليها بين وقت وآخر وألا يطول، وإما بجعلها في محل آمن عند أهلها أو عند محارم مأمونين يكونون عندها أو تكون عندهم حتى يكون الخطر أقل وحتى تكون السلامة أغلب، والله المستعان.
المقدم: بارك الله فيكم وجزاكم الله خير. 
فتاوى ذات صلة