حكم الزواج بامرأة تاركة للصلاة

السؤال: السؤال الثاني في رسالة الأخ (ف. ر. ع) من جمهورية اليمن، يقول فيه: هل يجوز للمسلم أن يتزوج بفتاة لم تصل؟ حيث أنه يعيش في بلاد أكثر أهلها لا يصلون، وأنه مضطر للزواج خوفًا من الفتنة، وسوف يشترط على أهل الفتاة أن تؤدي الصلاة أثناء عقد الزواج، وفي حالة عدم صلاتها يطلقها، فما الحكم في ذلك؟

الجواب: ترك الصلاة من الرجال والنساء كفر أكبر في أصح قولي العلماء، وعلى هذا لا يجوز للمسلم أن ينكح امرأة لا تصلي، بل يجب عليه أن يتحرى في الزوجة أن تكون ذات دين، وأن تكون من المصليات، ومن الذين يحترمون الدين ولا يأتون بشيء إلا فيه، هذا هو الواجب على المسلم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك متفق على صحته.
فالمؤمن يتحرى في الزوجة أن تكون طيبة في دينها وأخلاقها وسيرتها، ومن أسرة طيبة، فإذا كانت لا تصلي فهذا من أعظم الكفر بالله في أصح قولي العلماء، وقد خالف في هذا من خالف من أهل العلم وقالوا: إن ترك الصلاة ليس بكفر أكبر إذا كان لا يجحد الرجل وجوبها ولا تجحد المرأة وجوبها ولكن ذلك عن كسل، هذا قول جماعة من أهل العلم، ويحكى قول الأكثرين.
ولكن الصواب الذي عليه الأدلة الشرعية: أن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد التارك وجوبها، لما ثبت عنه ﷺ أنه قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة فشيء ترك عموده وذهب عموده كيف يبقى؟!
أيضًا ثبت عنه ﷺ وهو أصرح في هذا الباب قوله ﷺ: إن بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة رواه مسلم في صحيحه، والتعبير بالرجل لا يخصه على طريقة الرسول ﷺ في الأحكام، فإنه إذا عبر بالحكم الشرعي باسم الرجل أو باسم المرأة فالحكم عام، وهكذا ما جاء في كتاب الله من الأحكام بأسماء الرجال أو بأسماء النساء الحكم عام، إلا ما جاء الدليل بالتخصيص، كتخصيص المرأة بنصف ميراث الذكر من الأولاد والإخوة، وغير ذلك مما جاء به التخصيص، وإلا فالأصل أنهما سواء في الأحكام وهذا منها.
فإذا كفر بترك الصلاة الرجل فالمرأة كذلك، وإن كان ذلك عن تهاون وعن كسل، هذا هو الصواب.
ومن هذا الباب ما ثبت عنه أيضًا عليه الصلاة والسلام أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر خرجه الإمام أحمد في المسند وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة ، وهذا عام للرجال والنساء.
فنصيحتي للرجل السائل أن لا يتزوج إلا امرأة معروفة بالاستقامة والصلاة، والبعد عن كل ما يغضب الله عز وجل ولو بقي أعزب حتى يسهل الله له من يرضى دينها، والكتابية خير من هذه؛ لأن الكتابية أباح الله نكاحها إذا كانت محصنة، أما المشركة فهي محرمة علينا، كما قال الله جل وعلا: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221] وهذه يقال لها: مشركة، فالكتابية خير منها، وإن كان ترك نكاح الكتابية أولى وأفضل بكل حال، وأن يتزوج مسلمة حنيفية مؤمنة هذا هو الذي ينبغي له.
لكن بكل حال إذا كان ولابد فتزوج كتابية محصنة أولى من كونك تتزوج امرأة لا تصلي، كافرة، نعم.
لكن في الإمكان أن يشرط صلاتها وتوبتها قبل العقد، فإذا استقامت وهداها الله وتابت، وثبت لديه ذلك بأنها تركت عملها السيئ وأنابت إلى الله وصارت تصلي فليتزوجها والحمد لله.
ولعل رغبتها بالزواج تكون سببًا لتوبتها ورجوعها إلى الله، واستقامتها في الصلاة، فيكون قد أحسن إليها بهذا الزواج الذي جعله الله لها سببًا للتوبة والاستقامة وأداء الصلاة.

فتاوى ذات صلة