الفرق بين الشهادة في سبيل الله والعمليات الاستشهادية

السؤال:

من ليبيا هذه رسالة بعث بها مستمع من هناك هو (خ. أ. ح) أخونا يقول في رسالته: أنا طالب في الجامعة، ومن خلال قراءتي لكتاب الإسلام للمستشرق هنري ماسيه، والذي ترجمه بهيج شعبان، والذي علق عليه وقدم له سماحة الدكتور مصطفى الرافعي، وسماحة الشيخ محمد جواد مغنية، بقيت في ذهني مسألتان لم توضح جيدًا، وأعتبرهما مسألتان هامتان، وهما: نعلم أن الشهادة هي التي يقوم بها مسلم يحارب لأجل إيمانه ويموت في سبيله مجاهدًا فيصبح عند ذلك شهيدًا، ولكن فكرة قابلية التضحية خلقت الاضطراب في مفهوم الشهادة والانتحار عندي.

فوجهوني جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الشهادة التي أعد الله لأهلها الجنة، ومدح أهلها هي التي تصدر عن رغبة فيما عند الله، وإخلاص لله، والجهاد في سبيله  سأل رجل الرسول -عليه الصلاة والسلام-، قال: «يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله أأدخل الجنة؟ أتكفر عني خطاياي؟ -أو كما قال- فقال -عليه الصلاة والسلام-: نعم، إن قتلت صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر.

فالمؤمن الذي يقاتل في سبيل الله، يرجو ثواب الله، ويريد نصر دين الله، فهذا هو المجاهد في سبيل الله، وهو الشهيد إذا قتل، له حكم الشهادة التي وعد الله أهلها الجنة.

أما من جهة حكم الدنيا فكل من قتل في سبيل الله لا يغسل ولا يصلى عليه، والعمل على الظاهر، ونيته إلى الله ، فإذا قتل في سبيل الله، مات في المعركة بالقتل لا يغسل ولا يصلى عليه، بل يدفن في ثيابه، كما فعل النبي ﷺ في شهداء يوم أحد.

وأما حكمه عند الله فإن قتل صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر موحدًا لله قاصدًا وجهه الكريم، فإنه تكفر عنه خطاياه، ويكون من أهل الجنة، لكن جاء في الروايات الأخرى عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: إلا الدين. قال: أخبرني جبرائيل آنفًا.

فالدين معناه: أن صاحبه لا يضيع عليه دينه، بل يعطى حقه، إما بأن يرضيه الله عنه يوم القيامة من فضله وإحسانه، وإما أن يعطى من حسنات هذا الشهيد ما يقابل الدين، فالشهيد على خير، وصاحب الدين لا يضيع حقه، بل الله يرضيه عنه بما يشاء -جل وعلا-، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، موضوع الفداء والاستشهاد في سبيل الله شيخ عبد العزيز كأنه يطلب المقارنة بينهما أو التفريق بينهما؟

الشيخ: ما أفهم مراده بالفداء.

المقدم: كونه يكون فدائيًا.

الشيخ: إذا كان قصده بذلك أن يبارز الناس، وأن يجتهد في مهاجمة الأعداء، ولو قتل في سبيل الله، هذا مطلوب، إذا كان العدو من الأعداء من الكفرة المعروفين، وجاهد في سبيل الله، وأقدم على الجهاد، ولو قتل يرجى له الخير العظيم ولو قتل، مثلما فعل أنس بن النضر عندما انصرف الناس يوم أحد تقدم إلى الجهاد حتى قتل  الناس منصرفون وهو متقدم إلى العدو، وجاهد حتى قتل، فوجدوا فيه بضعًا وثمانين ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح وأرضاه.

فالحاصل: أن الفداء وهو التقدم إلى العدو حرصًا على الشهادة في سبيل الله وحرصًا على قتال الأعداء هذا فيه فضل عظيم وخير كثير. نعم.

المقدم: إذًا: لا يعد هذا من الانتحار؟

الشيخ: ما دام لله، إذا كان لله لا رياء ولا سمعة، إذا كان لله ليس قصده الرياء ولا السمعة، وليس من قصده الوطن، إنما قصده القتال في سبيل الله، فهذا له خير عظيم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، ولا يعد هذا من الانتحار؟

الشيخ: ما يعد من الانتحار، لا.

المقدم: بارك الله فيكم.

فتاوى ذات صلة