فضل الذكر والاستغفار

السؤال:

سماحة الشيخ، هذا سائل إبراهيم أبو حامد يقول: حدثونا -فضيلة الشيخ- عن فضل الذكر وعن فضل الاستغفار، جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم. 

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فإن الله -جل وعلا شرع- لعباده الذكر والاستغفار، وأمرهم بالإكثار من ذكر الله، قال -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب:41]، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:42] قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة:152] وقال -جل وعلا-: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ [هود:3]، قال: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:199]، فالمؤمن مأمور بالإكثار من الذكر، والإكثار من الاستغفار لعل الله -جل وعلا- يضاعف له المثوبة ويغفر له السيئات.
ويشرع الإكثار من ذلك في أوائل الليل وأوائل النهار، يكثر من ذكر الله في أول النهار وأول الليل، في الحديث الصحيح يقول النبي ﷺ: من قال: سبحان الله وبحمده حين يصبح وحين يمسي مائة مرة غفرت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر قال -عليه الصلاة والسلام- لـجويرية لما رآها في مصلاها صباحًا، وعاد إليها ضحى، قال: ما زلت بمصلاك؟ قالت: نعم قال: لقد قلت بعدك كلمات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن ثلاث مرات: سبحان الله العظيم وبحمده، عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته .

وقال ﷺ: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر وقال -عليه الصلاة والسلام-: الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وقال رجل: «أنا أعرابي يا رسول الله، علمني شيئًا أذكر ربي به، قال: قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم قال: يا رسول الله، هذا لربي، فما لي؟ قال: قل: اللهم اغفر لي وارزقني وعافني واهدني.

فالمؤمن يدعو ربه، ويستغفر ربه، يكثر من ذكره -جل وعلا- في الصباح والمساء، يرجو ثوابه، ويخشى عقابه كما قال تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا [طه:130] وقال سبحانه: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ[الروم:17].

وهكذا في بقية الوقت يكثر من ذكر الله في الليل والنهار ولا يسأم؛ لأن الله يحب أن يذكر ، وقال في الحديث الصحيح -عليه الصلاة والسلام-: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل هذه الكلمات العظيمة من قال عشر مرات: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل».

وقال -عليه الصلاة والسلام-: من قال في يومه مائة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كانت له عدل عشر رقاب يعني: يعتقها  وكتب الله له مائة حسنة، ومحا عنه مائة سيئة، وكان في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا رجل عمل أكثر من عمله وهذا فضل عظيم.
وشرع للناس أن يقولوا بعد كل صلاة: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثًا وثلاثين مرة، وتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير وذكر أن العبد إذا قال ذلك غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وهذا فضل عظيم بعد كل صلاة الفريضة، إذا سلم يقول: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، مرة أو ثلاث مرات، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ثم يسبح ثلاثة وثلاثين مرة......، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثة وثلاثين مرة، يقول ﷺ: من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر وهذا فضل عظيم، كونه يسبح ويحمد ويكبر ثلاثًا وثلاثين، هذه تسعة وتسعين، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، مرة واحدة كمال للمائة، هذا فيه فضل عظيم من أسباب المغفرة.
وإن قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمسًا وعشرين مرة صارت مائة، هذا نوع آخر أيضًا، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، بعد كل صلاة مائة مرة، خمسة وعشرين يكون الجميع مائة مرة إذا قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمسة وعشرين مرة كان جميعها مائة مرة، يقول: سبحان الله خمسًا وعشرين، والحمد لله خمسًا وعشرين، ولا إله إلا الله خمسًا وعشرين، والله أكبر خمسًا وعشرين، الجميع مائة مرة، ولكن أحاديث: «من سبح الله ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» هذا أصح وأثبت من ذاك الأول.

فينبغي للمؤمن أن يكثر من هذه الأذكار العظيمة، ويقول بعد هذا يقرأ آية الكرسي أيضًا: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] بعد كل صلاة، بعد هذا الذكر، ويقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين بعد كل صلاة، وإذا كررها ثلاثًا بعد الفجر في الصباح والمساء كان أفضل ثلاث مرات، بعد المغرب والفجر.

وبكل حال فالمشروع لكل مؤمن ومؤمنة الإكثار من ذكر الله في جميع الليل والنهار، الإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتحميده وتكبيره، والإكثار من الاستغفار، نعم؛ لحديث: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب نعم.

المقدم: أحسن الله إليك، الله المستعان، جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ.

فتاوى ذات صلة