تفسير قوله تعالى: (هل في ذلك قسم لذي حجر)

السؤال:

رسالة وصلت إلى البرنامج من العراق، وباعثها أخونا محمد حسين علي حموري أو حموري، أخونا له مجموعة من الأسئلة، يسأل في سؤاله الأول عن تفسير قوله تعالى: بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر:5]؟

الجواب:

الحجر: هو العقل والله يقول سبحانه: وَالْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ۝ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ۝ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ۝ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر:1-5].
فهذه الآية تبين أن هذه الأقسام عظيمة أقسم الله بها سبحانه، وهو جل وعلا يقسم بما يشاء  لا أحد يتحجر عليه  وإنما أقسم بها؛ لأنها من آياته الدالة على قدرته العظيمة وأنه رب العالمين، فقال: وَالْفَجْرِ [الفجر:1]، وهو انفلاق الصبح بعد ذهاب الليل.
وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:2]، فسرت هذه الليالي بليالي عشر ذي الحجة، وبليالي العشر الأخيرة من رمضان فهي كلها معظمة.

وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ [الفجر:3]، الشفع الاثنين والأربعة والستة ونحو ذلك، والوتر الواحد والثلاثة والخمسة ونحو ذلك، كلها من آيات الله  جعل شفعًا ووترًا في مخلوقاته جل وعلا وهي من آياته  السماوات سبع وتر، والأرض سبع وتر، والعرش واحد وتر والكرسي واحد وتر، وجعل أشياء شفعًا كالليل والنهار شفعًا والذكر والأنثى شفعًا وغير ذلك، كما قال سبحانه: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ [الذاريات:49].

وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ [الفجر:4]، كذلك من آياته هذا الليل حين يأتي بظلامه والنهار حين يأتي بضيائه كلها من آياته

ثم قال بعدها: هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر:5]، فالمعنى -والله أعلم-: هل في ذلك قسم لذي حجر، لذي عقل، ليس يقتضي أن يخالف، بل يجب على المؤمن أن يتدبر ويتعقل ويعرف أنه سبحانه إنما أقسم بهذه الأقسام لدلالة عباده على عظم هذه المخلوقات وأنها من الدلائل على قدرته العظيمة ووحدانيته  وأنه لا يجوز للمؤمن أن يخالف ما دلت عليه فيشرك بالله ويعبد معه سواه وهو الخلاق لهذه الأشياء القائم بأرزاق العباد إلى غير هذا .

ويحتمل معنى آخر هو أنه سبحانه يريد هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر:5]، ليقسم به أولى من هذه الأقسام التي فيها دلائل على قدرته العظيمة، مع أنه سبحانه حرم القسم بغيره جل وعلا، قال النبي ﷺ: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت.
فليس لأحد أن يقسم إلا بربه .

فالآية فيها شيء من الغموض، لكن يحتمل أن المراد أن هذا القسم كافٍ في الدلالة على عظمة هذه المخلوقات، وأنها من دلائل قدرته العظيمة، ويحتمل أن المعنى: هل في ذلك لذي حجر قسم آخر ينبغي أن يقسم به للدلالة على توحيد الله والدعوة إلى عبادته والإخلاص له هذا -والله أعلم- من المعنى، ويحتمل معنى آخر ولعلنا نعود إلى ذلك في حلقة أخرى ليزيد البيان والإيضاح لما قاله أهل العلم.

فتاوى ذات صلة