مسألة العذر بالجهل

السؤال:

رسالة وصلت إلى هذا البرنامج من جمهورية مصر العربية أسيوط، باعثها أخ لنا من هناك طه بن محمد بن محمود بن عبد الباقي.

أخونا طه له جمع من الأسئلة يسأل مثلًا: ما موقف السلف رحمهم الله كالإمام ابن تيمية وابن عبد الوهاب، من قضية العذر بالجهل؟ وهل هي واردة؟ وهل تطرق إليها السلف؟ أم أنها باطلة لا أصل لها في قضية التوحيد؟

الجواب:

الجهل في الجملة قد يكون عذرًا، وقد لا يكون عذرًا.

فإذا كان الشخص المكلف بعيدًا عن أهل الإسلام، وعن أهل العلم كالذي ينشأ في بلاد بعيدة عن المسلمين، ولم تبلغه الرسالة ولا القرآن ولا السنة هذا يكون معذورًا بالجهل، وله حكم أهل الفترات يوم القيامة يمتحنون فإن أجاب دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.

قد يكون معذورًا أيضًا في الأشياء الخفيفة في الفروع التي قد تخفى على مثله، كما عذر النبي ﷺ صاحب الجبة لما أحرم في الجبة وتضمخ بالطيب، وقد أحرم بالعمرة قال له عليه الصلاة والسلام: انزع عنك الجبة واغسل عنك الخلوق، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك ولم يأمره بالفدية عن لبسه الجبة ولا عن تضمخه بالطيب للجهل.

فالحاصل أن الجهل عذر في الأمور التي قد يخفى مثلها من المسائل الفرعية أو في حق من كان بعيدًا عن المسلمين وعن سماع القرآن والسنة، كأهل البلاد التي تبعد عن المسلمين في أطراف الدنيا، ومثل أهل الفترة الذين ما بلغتهم الرسالات فهذا يعذرون بالجهل.

والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أجاب الأمر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، أما من بين المسلمين يسمع القرآن يسمع السنة هذا غير معذور لا في العقيدة ولا في غيرها، قال الله جل وعلا: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ[الأنعام:19] الله جعل القرآن نذيرًا، ومحمد جعله نذيرًا، فالقرآن نذير ومحمد نذير، فالذي يبلغه القرآن والسنة ويعيش بين المسلمين هذا غير معذور، عليه أن يسأل، وعليه أن يتفقه في الدين، وعليه أن يتعلم، والله المستعان.

المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة