كيف يجمع المؤمن بين الخوف والرجاء؟

السؤال:

يقول: قرأت في أحد الكتب، وهو كتاب حكم وإرشادات، يقول صاحب هذا الكتاب هذه الوصية: كن راجيًا عفو الله تعالى ورحمته، وحسن الظن بالله  أرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بشرح هذه العبارة، جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

يجب على المؤمن دائمًا، وهكذا المؤمنة أن يسير إلى الله في أعماله وأقواله، بين الخوف والرجاء، وحسن الظن بالله  لأن الله -جل وعلا- أمر عباده بأن يحسنوا به الظن، وبأن يخافوه، ويرجوه، فقال -جل وعلا-: فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175] وقال سبحانه: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [الكهف:110]، وقال: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40]. 

فالمؤمن مأمور برجاء ربه، وخوفه سبحانه، فيخافه، ويرجوه، قال تعالى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الحجر:49] وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ [الحجر:50] قال سبحانه: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ [غافر:3] والمعنى حث الناس على الخوف والرجاء، فلا يقنط، ولا يأمن، ولكن يرجو الله، ويخافه، ويجتهد في العمل الصالح، وترك ما حرم الله عليه، ويحسن ظنه بربه، وأنه سبحانه يوفي بما وعد، وهو الكامل، وهو الكريم الجواد، فمن أدى ما عليه؛ فالله -جل وعلا- سيوفي له بما وعده من الخير، أما إن قصر، ولم يقم بالواجب؛ فلا يلومن إلا نفسه، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: يقول الله : أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني وقال -عليه الصلاة و السلام-: لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن ظنه بالله.

ولا يستقيم له هذا إلا إذا أحسن الفعل، إذا أحسن العمل، إذا اتقى ربه، وجاهد نفسه، وحذر محارمه؛ فإن هذا هو الذي يستطيع أن يحسن ظنه بربه، أما من ساءت أعماله، وساءت أقواله فكيف يستطيع أن يحسن ظنه بربه، وقد بارزه بالمحاربة، وتعدى حدوده، وترك أوامره، وارتكب نواهيه، هذا تحسين الظن بربه في هذه الحال، غرور، وخداع من الشيطان، فمن ساء فعله؛ ساء ظنه.

فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يراقب الله سبحانه، وأن يجتهد في طاعته، وترك معصيته، وأن يحسن الظن به سبحانه لكونهما قاما بما يجب، وتركا ما نهى الله عنه، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة