الفرق بين القرض والسلم

السؤال:

الرسالة التالية وصلت إلى البرنامج من شقراء بتوقيع أحد الإخوة يقول: (ص. ع. م) أخونا يقول في رسالته: المعروف حالياً أن الناس يأخذون من بعضهم أموالاً كقرضة ويسمونها ديناً وهي غير السلف، وسؤالي: هل الدين بالمفهوم الحالي حرام، وما هي الطريقة الإسلامية الشرعية لذلك، أفيدونا بذلك وجزاكم الله خيراً؟

الجواب:

ليس الدين حراماً إذا كان على الوجه الشرعي، وليس القرض حراماً إذا كان على الوجه الشرعي ويسمى ديناً أيضاً، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[البقرة:282]، فالله سبحانه أباح لعباده المؤمنين التداين، وأن يكتب ذلك الدين إلى أجل، فلا بأس بالمداينة ولا بأس بالاقتراض، والمداينة كأن تشتري من أخيك سلعة من أرض أو بيت أو دكان أو سيارة أو غير ذلك إلى أجل معلوم لحاجتك إليها، لتسكن البيت، لتزرع الأرض، لتستعمل السيارة، أو لتستفيد منها تبيعها وتستفيد منها إلى غير ذلك من المقاصد، هذه تسمى مداينة إلى أجل مسمى، هذا شيء لا حرج فيه إذا كان المبيع مملوكاً للبائع وفي حوزة البائع فإن هذا البيع يسمى بيعاً ويسمى ديناً.

ومن المداينة ما يسمونه بالسلم وهو: أن تأخذ من شخص دراهم معينة معجلة يشتري بها شيئاً من ذمتك كقهوة، سكر، رز غير ذلك، تأخذ منه مثلاً عشرة آلاف ريال على أنك تعطيه بكل ريال صاعاً من الحنطة نوعها كذا أو صاعاً من الأرز بعد سنة بعد سنتين بعد أشهر معينة هذا يسمى السلم ويسمى السلف، وهو ما عجل ثمنه وأخر مثمنه، إذا كان معلومًا تامة شروطه إلى أجل معلوم، أو سيارة قد علم موديلها وصفاتها الكاملة تبيعها عليه من ذمتك إلى أجل معلوم فتأخذ منه عشرة آلاف أو عشرين ألفًا على أنك تدفع له بعد سنة أو بعد سنتين سيارة صفتها كذا وصفتها كذا وموديلها كذا معروفة ليس فيها شبهة، أو آصعًا معلومة من الأرز أو من الحنطة أو من غير ذلك أو من القهوة أو من السكر إلى غير ذلك، شيء معلوم، قال النبي ﷺ لما قدم المدينة وهم يسلفون الثمار السنة والسنتين قال عليه الصلاة والسلام: من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم هذا كله يسمى مداينة.

ومنها القرض أيضاً كأن تقول لأخيك في الله أو لأخيك من النسب أو لابن عمك أو لصهرك أبي زوجتك أو أخي زوجتك أو غيرهم تقول له: أقرضني كذا، أقرضني ألف ريال، أقرضني عشرة آلاف ريال قرضاً بدون فائدة لله، هذا يسمى دينًا ويسمى قرضًا، فإذا أعطاك أخوك في الله أو قريبك أو صهرك مطلوبك من المال فهذا يسمى قرضًا، إذا كان من دون فائدة مجرد احتساب، هذا يسمى قرضًا؛ لأنه إرفاق، ويسمى ديناً؛ لأنه في الذمة، فهذا لا حرج فيه ولا بأس به.

لكن لو قال: على أن تعطيني زيادة كذا وكذا صار ربا، لو قال: نعم، أنا أعطيك قرض عشرة آلاف لكن بشرط أن تعطيني في كل ألف عشرة أو مائة أو خمسين من أجل التأخير الذي يتأخر المال عندك هذا هو الربا المعروف لا يجوز، أو قال: أنا أعطيك عشرة آلاف قرضاً لكن على أن تعطيني سيارتك الفلانية أستعملها شهرين ثلاثة أكثر أقل في مقابل هذا القرض، هذا لا يصلح؛ لأنه قرض بشرط وهذا لا يجوز.

كذلك لو قال: نعم، أنا أعطيك عشرة آلاف أو مائة ألف قرضاً على أن تعطيني أرضك الفلانية أزرعها وأستفيد منها حتى تعطيني قرضي، حتى يستفيد من الأرض بدون أجر في مقابل هذا القرض، أما إن استأجرها بأجرة المثل من دون شرط استأجرها بالعادة بنصف الزرع بثلث الزرع بآصع معلومة، بدراهم معلومة، كما يستأجرها الأجنبي من دون شرط بينكم وقد استأجرها بعد ذلك منك فلا بأس، لكن الله يعلم ما في القلوب، إذا كانت من دون شرط وبالأجرة المعتادة التي يأخذها غيره. نعم.

المقدم: الصور الموجودة في السوق، لعل سماحة الشيخ بلغه بعض منها؟
الشيخ: نعم، وهي؟

المقدم: وهي كأن يأتي إنسان محتاج إلى تاجر يبيع ويشتري في أقمشة أو في مواد غذائية أو نحو ذلك، ويقول: تشتري هذه البضاعة بمبلغ كذا وتسدد القيمة بعد عام بمبلغ كذا وكذا، بطبيعة الحال المبلغ يكون زائد لكن ذلك المحتاج لا يستلم تلك البضاعة.
الشيخ: هذا ما يصلح، هذا يسمونه التورق ولكن يسيئون الاستعمال، ويسمونها العامة: الوعدة ويسيئوا الاستعمال، يبيع المال وهو ..... جالس ما يقبض، وهكذا الآخر يبيعه وهكذا الآخر، لا ما يصلح هذا، التجارة الشرعية والمداينة الشرعية أن يشتري مالاً موجوداً عند البائع في حوزة البائع ثم يقبضه المشتري ويحوزه المشتري ويتصرف فيه، باستعماله إن كان أرضاً باستعمالها إن كانت سيارة، بغير ذلك من أنواع الاستعمال يعني: يقبضه، هذا هو البيع الشرعي، أما أن يشتري منه هذا المال الموجود ...... ثم يتركه ويبيعه عند البائع يبيعه على زيد أو على عمرو، هذا ما يجوز، نعم. هذا فيه الحديث الصحيح: لا تبع ما ليس عندك، لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك. نعم. 

فتاوى ذات صلة