حكم منع الولي موليته من الدخول على زوجها بعد العقد

السؤال:

وردتنا رسالة من بيشة، بعث بها المرسل يحيى سعد مخيلي الشهراني، يقول: تزوجت فتاة، وكان عمرها سبعة عشر سنة، ثم بقيت عند أهلها سبعة عشر سنة أخرى، وأنا لم أدخل بها، وأنها تحبني وأحبها، ولكن أهلها منعوها من الزواج الفعلي، أي: الدخول بالمعنى المعروف، وأخيرًا طلقتها، ثم خطبت زوجة أخرى، وحصل معها ما حصل مع الأولى، فهل أطلقها؟ أم أن هناك رأيًا للشرع آخر؟

علمًا بأنني متزوج من امرأة، وعندي منها أطفال، وأنا أرغب في الزواج من الثانية، وفقكم الله.

الجواب:

الواجب على أولياء الزوجة أولياء المرأة وأهلها من أم وأخت وخالة ونحو ذلك، أن يساعدوا على الخير، وأن يشجعوا على الجمع بين الرجل وأهله، وأن لا يعطلوا المرأة عن زوجها، لا قبل العقد، ولا بعد العقد. 

فإذا تم العقد فالواجب البدار بإدخالها على زوجها، وتمكينه منها؛ حتى يحصل المقصود بالنكاح من قضاء الوطر، وعفة الفرج، وغض البصر، ووجود النسل والذرية للجميع، هذا هو الواجب، ولا يجوز لأمها ولا لأبيها ولا لأوليائها تعطيلها من الزواج، ولا تعطيلها من دخولها على زوجها بعد العقد، هذا هو الواجب عليهم.

وكثير من الناس -والعياذ بالله- لا يبالي بموليته، ولا يهتم منها، بل يعطلها كثيرًا؛ إما لخدمتها في بيته، وإما لرعيها غنمه، وإما لغضبه على أمها، أو غضبه عليها لأسباب صار ذلك؛ فيظلمها، ويتعدى عليها، ويحبسها عن الزواج لما في نفسه من الشر عليها، أو على أمها، أو على إخوتها الخاصين بها، أو نحو ذلك، وهذا ظلم وعدوان لا يجوز، بل الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يبادر بتزويج موليته، سواء كان أخاها، أو أباها أو عمها، وأن لا يعطلها، ثم إذا تم العقد فالواجب أيضًا أن لا يعطلها، بل عليه -الولي- أن يبادر بإدخالها على زوجها، أو إدخاله عليها إن كان الدخول عليها في بيتهم، أما التعطيل فهو منكر، وهذا واقع في كثير من الناس، يعطلون بناتهم وأخواتهم لأسباب خبيثة ظالمة، إما لتخدم بيته، وتخدم زوجته، أو لتخدمه في رعي غنمه، أو لأسباب أخرى، وهذا لا شك أنه منكر وحرام عليه، وإثم وظلم.

وبعد العقد كذلك لا يجوز تعطيلها أيضًا، بل يجب البدار بإدخالها على زوجها، وتمكينه منها، حتى يحصل المقصود من النكاح، والله يقول -جل وعلا-: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19] فالظلم قبيح، وشره عظيم، ويقول ﷺ: اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وحبس النساء عن الزواج -سواء كن بنات أو أخوات أو غيرهن- ظلم وعدوان، وهكذا حبسهن بعد العقد، وعدم إدخالهن على أزواجهن ظلم وعدوان. 

فأرجو ممن يسمع كلامي هذا أن يبلغه غيره، وأن ينصح من يعلم منه هذا العمل الخبيث هذا المنكر؛ فينصحه لله، ويحرضه على تزويج موليته، وعدم حبسها ظلمًا وعدوانًا.

وعلى ولاة الأمور إذا علموا ذلك أن يعاقبوا من فعل هذا، على القضاة والأمراء وولاة الأمور جميعًا عليهم أن يعاقبوا من عرف بهذا الظلم لموليته؛ فإنه يستحق العقاب ردعًا له ولأمثاله عن هذا الظلم، والقاضي أخص بهذا؛ فإنه يعلم من هذه الأمور ما لا يعلمه غيره، فالواجب على القضاة أن يهتموا بهذا، وأن يحكموا بتعزير وتأديب من يعرف بهذا الأمر رجاء السلامة من هذا الظلم لهؤلاء النساء، نعم، والله المستعان، نعم.

فتاوى ذات صلة