حكم الاتجار في السوق السوداء

السؤال:

رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: علي الرفاعي علي جلال مصري الجنسية، ومقيم بسلطنة عمان، أخونا يسأل ويقول: قد سأل أخ من السودان سؤالًا وبالتحديد في يوم ثلاثين إحدى عشر سبعة وثمانين ميلادي، وكان سؤال هذا الأخ هو: هل الاتجار في السوق السوداء حلال أم حرام، وقد أجاب على هذا السؤال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وكانت إجابة سماحته بأنه لا مانع من التجارة في السوق السوداء، وأنا لي تعليق هنا على هذه الإجابة وهو: المعروف عن السوق السوداء هو احتكار البضاعة ومنعها لحين أن تنتهي من السوق، وبعد ذلك يتم بيعها للمسلمين بأسعار مرتفعة، وفي هذه الحالة يضطر المسلمون للشراء بأسعار مرتفعة؛ لاحتياجهم لهذه السلع؛ ولأنها ليست متوفرة إلا بالسوق السوداء، وهذا استغلال للمسلمين، وبمنطق -الفترة فيما يبدو- هذا شيء غير محلل في الإسلام.

فكيف أحل سماحة الشيخ ابن  باز التجارة في السوق السوداء، والحال ما ذكر؟ يرجى الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الذي جرى فيه الجواب هو أننا نعتقد أن السوق السوداء هي السوق العامة التي يبيع فيها الناس، ويشتري فيها الناس غير ما يقع في البنوك والمصارف المعروفة، فالسوق السوداء التي جرى فيها الفتوى هي ما يقع بين الناس في أسواقهم بيعهم وشرائهم، وأنه لا حرج أن يبيع في السوق العامة، ولا يتقيد بما في البنوك من الأسعار، هذا هو الذي أردنا.

أما إذا كان هناك سلع تحتكر وتضر المسلمين، يضر المسلمين احتكارها، فهذا مسألة أخرى، هذه مسألة أخرى مسألة الاحتكار، والاحتكار ممنوع، النبي ﷺ قال في المحتكر: لا يحتكر إلا خاطئ، فلا يجوز الاحتكار في الأطعمة، ولا نحوها على الصحيح مما يضر المسلمين، فالذي مثلًا يحبس السلع التي يحتاجها المسلمون من طعام أو غيره، مما يحتاجه الناس حتى يغلى، حتى يرتفع، حتى يبيع على الناس بثمن مرتفع، هذا لا يجوز، لا في السوداء ولا في غير السوداء.

لا يجوز للمسلم أن يحتكر ما يضر المسلمين احتكاره حتى يبيعه بالغلاء، بل يجب أن يبيع مع الناس، ويوسع على الناس، فليس لمن عنده طعام والناس محتاجون إليه أن يحتكره حتى يرتفع سعره، وليس لمن عنده سلاح وقت الحاجة إلى الجهاد في البلد أن يحتكره حتى يرتفع سعره، لا، بل عليه أن يبيع في الحال التي يحتاجها المسلمون للجهاد الشرعي، أو لأكلهم وشربهم، أو لبسهم ونحو ذلك، وليس له أن يحتكر شيئًا يضر المسلمين احتكاره، هذه قاعدة على الصحيح، وبعض أهل العلم قيد هذا بالطعام.

والصواب أنه لا يتقيد بالطعام، بل كل شيء احتكاره يضر المسلمين فإنه يمنع احتكاره، والواجب على المسلم أن لا يحتكره طعامًا أو غير طعام، هذا هو جواب السائل. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، إذًا: وصف هذه السوق بالسوداء يبدو لي أنه لكونه يقع فيها هذا النوع من المعاملات سماحة الشيخ؟

الشيخ: هذا يمكن اصطلاح لبعضهم، لعلها تختلف السوداء في اصطلاح الناس. نعم.

المقدم: بارك الله فيكم. ذكرتم سماحة الشيخ أنه لا يجوز الاحتكار بأي حال من الأحوال سواء كان في الأطعمة أو في غيرها، يشمل هذا السيارات والحديد وما أشبهه؟

الشيخ: إذا كان يضر المسلمين، إذا كان احتكاره يضر المسلمين، أما إذا كانت السلعة منشورة وكثيرة، وكونه يبقيها عنده حتى يتغير السعر لا يضر المسلمين لا بأس.

المقدم: بطبيعة الحال هناك ضرر سماحة الشيخ كونه يشتري السلعة اليوم بعشرة آلاف، وإذا اختفت فترة سوف أشتريها بإحدى عشر ألف؟

الشيخ: إذا كان حبسه لها لا يغير السعر، ولا يضر الناس، إذا كان حبسه لها لا يضر السعر، ولا يضر الناس، ولكن هو اشتراها يقول: لعل الله يأتي فيها نصيب بعد حين لا بأس.

المقدم: بارك الله فيكم. إذًا: إذا أدى الأمر إلى تغير السعر وارتفاعه فحينئذٍ يكون هذا من باب الاحتكار؟

الشيخ: هذا الاحتكار. نعم.

المقدم: بارك الله فيكم، وهو ممنوع بطبيعة الحال؟

الشيخ: نعم. ممنوع.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة