ما حكم من حج ولم يطف للوداع؟

السؤال:

نبدأ برسالة المستمع (ع. ل. هـ) من بلاد غامد، يقول في رسالته: حججنا حجًا صحيحًا، وذهبنا إلى مكة نريد طواف الوداع فلم يمكننا؛ لأن السائق كان غشيم، ولم يمكنه بأن يلقى خط الحرم، فماذا ترون في حجنا هذا خاصة حج والدتي التي حجت عن والدها، هل يلزمنا في هذا شيء أم لا، أم حجنا مقبول؟

وفقكم الله.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم. 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

طواف الوداع فرض على الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي ﷺ: لا ينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت رواه مسلم في الصحيح.

ولما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" فهذا يدل على أن طواف الوداع في الحج مفترض، ومأمور به، إلا على الحائض، ومثلها النفساء فلا وداع عليهما.

فالذي خرج ولم يودع بسبب زحمة، أو بسبب جهل السائق، أو ما أشبه ذلك، كل هذا ليس بعذر، فالواجب عليه أن يرجع فيؤدي طواف الوداع، فإن لم يفعل فعليه فدي، يعني: دم يُذبح في مكة، ويوزع بين الفقراء، في أصح قولي العلماء، والفدي قد استقر عليه في السفر، فإذا فدى كفى، وإن رجع وطاف للوداع نرجو أن يكفيه ذلك كما قاله بعض أهل العلم، نعم.

وهذا في الحج، أما العمرة فأمرها أوسع، العمرة أمرها أوسع، ليس الوداع فيها واجبًا على الصحيح، وهو قول الجمهور من نقله أبو عمر بن عبد البر -رحمه الله- إجماع أهل العلم بأنه لا وداع للعمرة، ليس فيها وداع واجب، وذهب بعض أهل العلم إلى أن فيها وداع. 

والأقرب والأظهر أنه ليس بواجب الوداع فيها؛ لأن الله شرعها في جميع السنة، ورغب في تكرارها، ومما يعين على ذلك عدم وجوب الوداع فيها؛ ولأنه لم يحفظ عنه ﷺ أنه ودع لما اعتمر في عام القضاء، عمرة القضاء، فدل ذلك على أن المراد بالوداع في الحج خاصة، أما العمرة فأمرها أوسع، إن ودع فحسن؛ لأنها حج أصغر، وإن لم يودع فلا شيء عليه، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأرجح والأقوى في هذه المسألة، نعم.

فتاوى ذات صلة