عدم مشروعية الذكر الجماعي بعد الصلاة

السؤال:

بعد هذا يقول: قراءة التسبيح إثر كل صلاة مفروضة بصوت عالٍ مع الجماعة هل هو جائز؟ 

الجواب:

السنة رفع الصوت بالأذكار كلها بعد الصلوات، بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي ﷺ"، ويقول : "كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته" يعني: يسمع صوت الذاكرين بعد السلام؛ فيعلم أنهم انصرفوا، كان صبيًا صغيرًا، قد لا يحضر صلاة الجماعة، فيسمع أصواتهم وهو خارج المسجد، وكان حين توفي النبي ﷺ قد راهق الاحتلام، وهذا الكلام قاله في حال صغره.

فالمقصود: أنه ﷺ كان يرفع الصوت بالذكر، وهكذا الصحابة بعد السلام؛ ولهذا سمعه الصحابة، ونقلوا ذكره ﷺ، سمعوه يقول إذا سلم: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام وسمعوه يقول: لا إله إلا الله، إذا انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه يقول: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

أخبر الصحابة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا: ثوبان أخبر عن بعض هذا، وابن الزبير عن بعض هذا، والمغيرة بن شعبة كذلك، كلهم أخبروا عن النبي ﷺ أنهم يسمعونه يأتي بهذه الأذكار.

وهكذا التسبيح يشرع بعد كل صلاة من الخمس أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين مرة، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، يكررها ثلاثًا وثلاثين مرة، النبي ﷺ أخبر أن من فعل ذلك وختمها بكلمة التوحيد؛ يغفر له، فقال ﷺ: من سبح الله ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر هذا فضل عظيم.

ولما جاءه فقراء المهاجرين، وقالوا: "يا رسول الله ذهب أهل الدثور -أي: الأموال- بالدرجات العلى، والنعيم المقيم؛ يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق..." يعني: ما عندنا مال، هم يتصدقون ولا نتصدق، وهم يعتقون ونحن ما نعتق، ما عندنا أموال، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ألا أدلكم على شيء تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة.

هذا يدل على فضل هذا التسبيح والتحميد والتكبير، وأنه يختمه بلا إله إلا الله -يعني: يختم المائة- بلا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، أو يزيد في التكبير تكبيرة يكون التكبير أربع وثلاثين يكمل المائة، كل هذا وارد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

ويستحب هذا الذكر عند النوم أيضًا، عند النوم يسبح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبر أربعًا وثلاثين، الجمع مائة عند النوم، يستحب هذا لأن النبي ﷺ علمه عليًا، وفاطمة -رضي الله عنهما- عند النوم، وهو تعليم لهما ولغيرهما من الأمة، التعليم لـعلي ولـفاطمة تعليم للأمة كلها، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم، إذًا كونه بصوت عالٍ جماعة غير مشروع سماحة الشيخ؟
الشيخ: مشروع، لكن وسط، يسمعه من حولهم، يسمعه من خارج المسجد أنهم سلموا، ما فيه شيء يعني متكلف، صوت عادي مسموع، نعم.

المقدم: بأسلوب جماعي أو كل فرد..
الشيخ: كل واحد بنفسه، كل واحد يذكر الله بنفسه، ما هو بجماعي، ليس بجماعي.

المقدم: بارك الله فيكم، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة