حكم قول بعني العشرة باثني عشر

السؤال:
إذا أراد رجل أن يستدين من آخر، هل يجوز له أن يقول: بعني العشرة باثني عشر؟ وهل يجوز أن يتفقا على مبلغ معلوم، والسلعة ليست موجودة لدى التاجر؟ وما معنى حديث حكيم بن حزام: ولا تبع ما ليس عندك؟

الجواب:
قول من يريد الاستدانة للدائن، بعني: العشرة باثني عشر، معناه: بعني السلعة التي تساوي عشرة حالة باثني عشر مؤجلة، ومثل هذا القول بهذا المعنى لا بأس به؛ لأن العبرة بالمعاني، والبيع بثمن مؤجل أزيد مما تباع به السلعة نقدًا جائز عند الجمهور، والأدلة الدالة على حل البيع تشمله.
ويدل له أيضًا قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282] فإنه شامل لما كان فيه الثمن مساويًا للبيع نقدًا، وما كان زائدًا عنه.
ويدل عليه -أيضًا- ما خرجه الحاكم والبيهقي ورجاله ثقات عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: أن النبي ﷺ أمره أن يجهز جيشًا فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلائص الصدقة، قال: فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة[1]. ذكره الحافظ في (بلوغ المرام)، وهو صريح في هذه المسألة.
وقد ألف في جواز ذلك العلامة الشوكاني -رحمه الله- رسالة ذكرها في كتابه (نيل الأوطار).
وإذا كانت السلعة ليست في ملك الدائن أو في ملكه وهو عاجز عن التسليم، فليس له أن يبرم عقد البيع مع المشتري، وإنما لهما أن يتواطآ على السعر، ولا يتم بينهما بيع حتى تكون السلعة في حوزة البائع؛ لحديث زيد بن ثابت قال: نهى رسول الله ﷺ أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم[2]. خرجه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم.
قال ابن القيم في (تهذيب السنن) في شرح حديث حكيم بن حزام : لا تبع ما ليس عندك[3]، وقال: "وبيع ما ليس عنده، إنما نهى عنه لكونه غير مضمون عليه، ولا ثابت في ذمته، ولا في يده. فالمبيع لا بد أن يكون ثابتًا في ذمة البائع أو في يده، وبيع ما ليس عنده ليس بواحد منهما، فالحديث باقٍ على عمومه".
هذا بعض كلامه في (تهذيب السنن) وانظر إيضاح معنى الحديث أيضًا في (زاد المعاد) لابن القيم، و(إعلام الموقعين) له أيضًا[4].
  1. رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبدالله بن عمرو بن العاص)، برقم: 6557، وأبو داود في (البيوع)، باب (في الرخصة في ذلك)، برقم: 3357.
  2. رواه أبو داود في (البيوع)، باب (في بيع الطعام قبل أن يستوفى)، برقم: 3499.
  3. رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم: 14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم: 1232، وابن ماجه في (التجارات)، باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم: 2187.
  4. سؤال مقدم إلى سماحته، وأجاب عنه عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية بالمدينة. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 19/ 106).
فتاوى ذات صلة