حكم الإسبال إذا كان عادة وليس خيلاء

س: الأخ الذي رمز لاسمه (أبو محمد) من الزلفي من المملكة العربية السعودية يقول في سؤاله: في الحديث أن الرسول ﷺ قال في حديث ما معناه: أن الذي يسبل ثيابه في النار. فنحن ثيابنا تحت الكعبين وليس قصدنا التكبر ولا الافتخار وإنما هي عادة اعتدنا عليها، فهل فعلنا هذا حرام؟ وهل الذي يسبل ثيابه وهو مؤمن بالله يكون في النار؟ أرجو الإفادة. جزاكم الله خيرا.

ج: لقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه الإمام البخاري في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان في ما أعطى، والمنفِّق سلعته بالحلف الكاذب أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل على تحريم الإسبال مطلقا، ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر والخيلاء؛ لأن ذلك وسيلة للتكبر، ولما في ذلك من الإسراف وتعريض الملابس للنجاسات والأوساخ.
أما إن قصد بذلك التكبر فالأمر أشد والإثم أكبر؛ لقول النبي ﷺ: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة والحد في ذلك هو الكعبان، فلا يجوز للمسلم الذكر أن تنزل ملابسه عن الكعبين للأحاديث المذكورة.
أما الأنثى فيشرع لها أن تكون ملابسها ضافية تغطي قدميها. 
وأما ما ثبت عن الصديق أنه قال للنبي ﷺ: إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له النبي ﷺ: إنك لست ممن يفعله خيلاء فالمراد بذلك أن من استرخى إزاره بغير قصد وتعاهده وحرص على رفعه لم يدخل في الوعيد؛ لكونه لم يتعمد ذلك، ولم يقصد الخيلاء، ولم يترك ذلك، بل تعاهد رفعه وكفه.
وهذا بخلاف من تعمد إرخاءه، فإنه متهم بقصد الخيلاء، وعمله وسيلة إلى ذلك، والله سبحانه هو الذي يعلم ما في القلوب، والنبي ﷺ أطلق الأحاديث في التحذير من الإسبال وشدد في ذلك، ولم يقل فيها إلا من أرخاها بغير خيلاء.
 فالواجب على المسلم أن يحذر ما حرم الله عليه، وأن يبتعد عن أسباب غضب الله، وأن يقف عند حدود الله يرجو ثوابه ويخشى عقابه، عملا بقول الله : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر: 7] وقوله : تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 13 - 14] وفق الله المسلمين لكل ما فيه رضاه وصلاح أمرهم في دينهم ودنياهم، إنه خير مسئول[1].

  1. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (5 /380).
فتاوى ذات صلة