الجمع بين: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ} و«إن الميت يعذب ببكاء أهله»

السؤال:

من العراق الأنبار هذه رسالة بعث بها الأخ أبو بكر الهيتي -فيما يبدو-، أخونا يقول في رسالته يوجد حديث عند الإمام البخاري مروي عن رسول الله ﷺ: أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وحديث آخر عن سيدتنا عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ترفض هذا القول وتقول: «حسبكم القرآن وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] » فما جوابكم أثابكم الله عن هذه المسألة، هل الميت يعذب ببكاء أهله عليه؟ أم أنه لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى[النجم:39] وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] ؟

الجواب:

ليس هناك تعارض بين الأحاديث ولا بين آية التي ذكرتها عائشة رضي الله عنها وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]، فقد ثبت عن رسول الله ﷺ من حديث ابن عمر ومن حديث المغيرة ومن غيرهما في الصحيحين ليس في البخاري وحده بل في الصحيحين البخاري ومسلم جميعًا وفي غيرهما أن النبي ﷺ قال: إن الميت يعذب بما يناح عليه وفي الرواية الأخرى: ببكاء أهله عليه والمراد بالبكاء: يعني: النياحة رفع الصوت.

أما البكاء الذي هو دمع العين فهذا لا يضر، إنما الذي يضر النياحة رفع الصوت، والرسول ﷺ قصد بهذا منع الناس من النياحة على موتاهم، وأن يتحملوا الصبر ويكفوا عن النوح ولا بأس بدمع العين، كما قال عليه الصلاة والسلام لما مات ابنه إبراهيم العين تدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.

فالميت يعذب بالنياحة عليه من أهله وكيفية العذاب الله أعلم بكيفية العذاب الذي يحصل له بهذه النياحة وهذا مستثنى من قوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] فإن القرآن والسنة لا يتعارضان بل يصدق أحدهما الآخر ويفسر أحدهما الآخر، فالآيات عامة والحديث خاص والسنة تخص القرآن وتبين معناه، فيكون تعذيب الميت بنياحة أهله عليه مستثنى من الآية الكريمة ولا تعارض بينها وبين الأحاديث، وأما قول عائشة رضي الله عنها فهذا من اجتهادها وحرصها على الخير وفهمها، وما قاله النبي ﷺ مقدم على قولها وعلى رأيها. 

فتاوى ذات صلة