حكم الجلوس مع من يعتقد علم الغيب في الأولياء

السؤال:

نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: رقيب محمود محمد علي، أخونا يبدو أنه سوداني، وقد عرضنا بعض أسئلة له في حلقة مضت من حلقات هذا البرنامج، أما في هذه الحلقة، فيسأل سماحتكم، فيقول: يوجد لدينا بعض الإخوان يقعون في بعض الشرك، ويقول: بأن الولي، أو الرجل الصالح هذا الذي يميل إليه أنه يعلم الغيب، أو أن لديه بعض الغيبيات، هل يجوز أن نجلس مع أمثال هؤلاء؟ جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فهذا وأشباهه لا يجوز الجلوس إليهم إلا على سبيل الدعوة، والتعليم، والإرشاد، والنصيحة؛ لأن دعاء الأولياء، والاستغاثة بالأولياء -وهم أصحاب القبور أو الغائبون- من الشرك الأكبر، الذي جاءت الرسل -عليهم الصلاة والسلام- بالنهي عنه، ودل القرآن الكريم على النهي عنه، وأنه من الشرك الأكبر.

فدعاؤهم، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم، كل هذا من الشرك الأكبر، الطواف بقبورهم، كل هذا من الشرك الأكبر، واعتقاد أنهم يعلمون الغيب، هذا كفر أكبر، فليس يعلم الغيب إلا الله وحده سبحانه، فالرسل، وغيرهم لا يعلمون الغيب، إنما يعلمه الله، إلا ما علمهم الله إياه، كما قد علمهم أشياء من أمر الآخرة، وأمر آخر الزمان، وما مضى من الزمان فليس لهم من علم الغيب إلا ما علمهم الله إياه، كما قال الله في كتابه العظيم: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] ويقول : وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام:59] ويقول لنبيه ﷺ يقول للناس: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188] هكذا يقول ﷺ يخبرهم أنه نذير وبشير، ليس عالمًا بالغيب، ويقول -جل وعلا- يأمر نبيه أن يعلم الناس: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأنعام:50].

فعلم الغيب إلى الله سبحانه، ومن قال: إن هذا الولي الفلاني ابن عربي، أو الحسين أو علي أو الشيخ: عبدالقادر الجيلاني، أو غيرهم، من قال: إن هؤلاء، أو غيرهم يعلمون الغيب؛ فقد كفر، وأشرك، وكذب الله  وهكذا من زار قبور هؤلاء؛ ليدعوهم، أو يستغيث بهم، أو دعاهم من بعيد عن قبورهم في أي مكان، دعاهم، واستغاث بهم، ونذر لهم، أو اعتقد أنهم ينفعون، أو يضرون، أو أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يستجيبون لمن دعاهم بكشف الضر، وجلب النفع، أو ما أشبه ذلك، هذا هو الشرك الأكبر، هذا دين الجاهلية، دين قريش في حال جهلها، وكفرها، هذا دين أبي جهل، وأشباهه.

فدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والذبح للأموات، وطلبهم الشفاء، وهكذا طلب الغائبين من الجن، أو الملائكة، أو غيرهم كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة