حكم من أصابه مرض جراء شربه الخمر جاهلاً حكمها

السؤال:

المستمع صالح عبدالله أحمد بعث برسالة يقول فيها: شرب شخص خمرًا، ومرض بداء القرحة، ولكنه كان يجهل تحريم الخمر، ونتائج تناولها، فهل مرضه هذا ابتلاء من الله، أم أنه غير ابتلاء؟ بمعنى: إن صبر على هذا المرض هل له أجر؟ 

الجواب:

نعم مثل غيره، هذا مرض قد يكون من أسباب الخمر، وقد يكون لأسباب أخرى، والأمراض كفارة للمسلم، يقول النبي ﷺ: ما أصاب المسلم من هم، ولا غم، ولا نصب، ولا وصب، ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه والمرض من أعظم المصائب، فالله يكفر به عن المسلم الخطايا، وإن كان عاصيًا، وعليه التوبة إلى الله من الخمر، والندم، والإقلاع، والعزم ألا يعود فيها؛ لأنها أم الخبائث، وهي من أكبر الكبائر. 

فالواجب عليه التوبة من ذلك، وهذا المرض سوف يجعله الله -إن شاء الله- كفارة له، وسببًا لمحو سيئاته، فعليه أن يصبر، ويحتسب، ويسأل ربه العفو، والأمراض للمسلمين كفارة لهم، ومع الصبر والاحتساب يكون فيه أجر مع الكفارة، وعليه التوبة إلى الله، والبدار بذلك، والعزم ألا يعود في هذا الذنب العظيم، ويسأل ربه، ويضرع إليه دائمًا أن يقيه شره، وأن يعافيه من شره، وعليه أن يحذر في المستقبل أن يجالس أهله، لأن المجالسة للخمارين والفساق؛ تجره إلى العودة، فينبغي الحذر، مَنَّ الله عليه بالشفاء والتوبة.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، هل نسيان الشخص للسؤال عن تحريم الشيء يعفيه من العقوبة؟

الشيخ: النسيان ليس باختياره، والله يقول: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] قال الله: قد فعلت سبحانه كما صح عن النبي ﷺ فإذا نسي أن يسأل عن شيء وقع منه؛ فالنسيان عذر شرعي، لكن ينبغي له أن يجتهد في محاسبة نفسه، والنظر في أعماله؛ حتى يسأل عما أشكل عليه، وحتى يتوب من سيئاته، وحتى يؤدي ما أوجب الله عليه، ولا يتساهل، المؤمن يجب أن يحذر، ويجب أن يعتني، ويجب أن يراقب ربه، الله يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [الحشر:18] ويقول سبحانه: وَمَنْْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ [العنكبوت:6] ويقول سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69] والله يقول سبحانه: فَاتَّقُواا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

فالواجب عليه أن يراقب الله، وأن يجاهد نفسه، ويحاسبها قبل أن ينزل به الأجل، حتى يعرف ما له وما عليه، حتى يعرف أخطاءه وزلاته؛ فيتوب إلى الله منها، وحتى يعرف تقصيره؛ فيتدارك هذا التقصير، ليس له التغافل والتساهل، بل يجب أن يعتني بأمور دينه غاية العناية، وأن يحاسب نفسه في أيامه ولياليه؛ حتى يعلم أنه أدى ما أوجب الله عليه، وحتى يعلم أنه ترك ما حرم الله عليه، وحتى يبادر بالتوبة مما قد سلف منه من السيئات والخطايا، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة