حكم نقل أعضاء جسم الكافر إلى المسلم

السؤال:

هذا سؤال من المستمع خالد عبد العزيز الخالد من مكة المكرمة، يقول: نعلم جميعًا مدى ما وصل إليه الطب البشري الآن من تقدم إلى درجة زراعة القلب، أو نقله من شخص إلى آخر، أو أي عضو آخر كالعين مثلًا، فما الحكم الشرعي في حالة نقل قلب غير المسلم إلى شخص مسلم أو عينه أو كليته أو أي عضو من أعضاء الجسم؟

وبالنسبة للقلب فالحكم مطلوب مع النظر إلى معنى الحديث الذي يفيد: أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله.

الجواب:

أما النقل ففيه خلاف بين العلماء: منهم من يجيز ذلك، ويجيز التبرع بذلك، ومنهم من لا يجيز هذا؛ لأن المؤمن والمسلم، والإنسان ليس له التصرف في نفسه بما يضره، فهو ملك لله ، فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه إذا تبرع بذلك على وجه، لا خوف عليه فيه، ولا خطر عليه فيه، أو أخذ منه عند موته على وجه ينفع غيره، منهم من أجاز هذا، ومنهم من لم يجز هذا، وقالوا: ليس للإنسان أن يتبرع بشيء من أعضائه؛ لأنها غير مملوكة له، بل هي ملك لله، فليس له أن يتبرع بها، لا كلية، ولا قلب، ولا غير ذلك.

وقال آخرون من أهل العلم: إذا تبرع بشيء لا يضره كإحدى كليتيه والقرنية، وأشباه ذلك، فلا حرج؛ لأنه شيء ينفع غيره، ولا يضره، أما شيء يضره فلا، ليس له أن يتبرع بشيء يضره أو يسبب موته.

وعلى كل تقدير لو فرضنا أن انتقلت كلية كافر إلى مسلم صار له حكم المسلم، وصارت تبع المسلم إذا مات على الإسلام لا تعذب؛ لأنها انتقلت من ذاك الجسد الخبيث إلى جسد طيب، فصار لها حكم الجسد الطيب بالانتقال، كما أن الخمرة إذا تخللت من غير أن يخللها أحد صارت طيبة، وكما أن الماء النجس الكثير إذا زال عنه أسباب النجاسة زال اللون والريح والطعم، وصار طيبًا، واستحال إلى الطيب طهر، فهكذا ما نقل من كافر، من كلية أو غيرها، أو قلب أو غيره، فإنه يتبع المسلم، فيكون طيبًا تبع المسلم إذا طاب المسلم طاب قلبه، ولو كان منقولًا، فإن الشرايين والأشياء المتعلقة بهذا القلب، وتمده بالدم، كلها من المسلم.

فيكون الطيب جديدًا له بعدما كان خبيثًا جاءه الطيب بإمداد المسلم له، وبقائه فيه يعبد الله، ويعظم الله ويخشاه ويراقبه فإن هذا على فرض وجوده، وعلى فرض صحة النقل، وأنه يعيش في المحل الثاني، فإنه مثل الكلية إذا نقلت ومثل القرنية، ومثل غير ذلك يكون له حكم من انتقل إليه، فإذا نقل من الكافر إلى المسلم صار طيبًا، وله حكم المسلم، وإذا نقل من المسلم إلى الكافر، صار له حكم الكافر، وحشر معه يوم القيامة، وصار تابعًا له؛ لأن الأعضاء تتبع الإنسان، فهي أعضاؤه وأجزاؤه، قلب وغيره، فإذا عُمر بالطاعات صار طيبًا، وإذا عُمر بالشرك والكفر وبغض الله ورسوله، انتقل من حال الطيب إلى حال الخبث، مثل المسلم لو ارتد عن دينه بينما هو طيب مسلم، فإذا ارتد عن دينه، وصار منافقًا أو كافرًا معلنًا صار له الخبث، انتقل له الخبث، وزال عنه الطيب لكفره وردته.

فهكذا إذا انتقل عضو المسلم إلى الكافر صار له الخبث، وإذا انتقل عضو الكافر إلى المسلم صار له الطيب بالانتقال، وهذا شيء لا أعلم فيه إشكالًا ولا نزاعًا لو وقع، نعم.

فتاوى ذات صلة