مشروعية إتمام المسافر لصلاته إذا صلى خلف مقيم

السؤال: رسالة منير بن نوار العتيبي من الصمان يقول فيها: صليت العصر مع الإمام في مدينة الرياض وأنا مسافر، فأدركت معه ركعة فقط ثم صليت واحدة وسلمت؛ لأني أقصر، فلما سلمت سألني بعض الإخوان: لماذا صليت ثنتين وسلمت؟ فقلت له: لأنني مسافر وقد صليت الظهر لوحدي ركعتين وأدركت مع الإمام ركعة فصليت الثانية وسلمت، فقال لي: لا يجوز؛ لأنك إذا ما أدركت الإمام مع الجماعة فدخلت في الجماعة فلا يجوز لك القصر ويجب عليك أن تتابع الجماعة متى وجدتها، وقد امتثلت لفتواه في هذه الفتوى، لكن ما الذي أصنعه في الأمور السابقة لهذه الفتوى إن كانت صحيحة؟

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: نعم، هذه الفتوى صحيحة المسافر إذا صلى وحده صلى ثنتين أو صلى مع جماعة مسافرين صلى معهم ثنتين، أما إذا صلى مع المقيم -يعني: المقيم اللي يصلي أربعاً- فإنه يصلي معه أربعاً ولا يقصر، وإذا أدركهم في الصلاة وركع معه ركعة في صلاة الظهر أو العصر أو العشاء فإنه يأتي بثلاث حتى يكمل أربعاً، وإذا أدركه ركعة في المغرب أتى بثنتين حتى يكمل المغرب ثلاثاً، وإذا أدركه بركعة في الجمعة أو في الفجر أتى بركعة ثانية حتى يكملها.
وهذا قد صح عن النبي ﷺ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن المسافر يصلي مع الإمام قال: يصلي أربعاً، فإذا صلى مع المسافرين صلى ثنتين، فقال له السائل في ذلك فقال: هكذا السنة، والسائل قال له: ما بالنا إذا صلينا مع الإمام صلينا أربعاً، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ثنتين، فقال له ابن عباس: هكذا السنة خرجه مسلم في صحيحه، وخرجه الإمام أحمد رحمه الله بإسناد جيد.
وهذا هو الصواب، أن المسافر لا يقصر إلا إذا كان وحده أو مع مسافرين، أما إذا صلى مع المقيمين الذين يصلون أربعاً فإنه يصلي معهم أربعاً، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم إمامه كمل الأربع هذا هو الواجب.
أما الصلوات التي صليتها سابقاً صليتها ثنتين وأنت مع الإمام فهذه إن كانت قليلة فالأحوط أن تقضيها، أما إن كان لها دهر طويل فلعله يعفى عنك إن شاء الله لأجل أنك صليت بجهل.
والنبي ﷺ لما رأى المسيء في صلاته أمره أن يعيد الصلاة الحاضرة ولم يأمره بقضاء الصلاة الفائتة، من أجل الجهل، فأنت كذلك إذا كانت الصلوات قليلة وأعدتها حسن، وإلا فلا شيء عليك لأن المطلوب أن تفعل ما بلغك من العلم الشرعي، فلما بلغك العلم الشرعي وامتثلت فالحمد لله، والماضي نرجو أن يعفو الله عنك سبحانه وتعالى.
والأقرب والله أعلم أنه ليس عليك شيء فيما مضى؛ لأنك فعلته ظناً منك أنك على الصواب والحق، ومعك شبهة ما هو المعروف في حق المسافرين من صلاة ثنتين، فأنت لك شبهة والله يعفو عن الجميع وليس عليك قضاء ما فات إن شاء الله.
لكن في المستقبل إذا وافقت الأئمة المقيمين صل معهم أربعاً، وإذا فاتك شيء فإنك تكمل أربعاً.
المقدم: طيب! بالنسبة للمسافر إذا وصل إلى المدينة، وأراد أن يصلي لوحده قصراً؛ هل يجوز له ذلك علماً أنه يسمع الأذان وقريب من المسجد ويدرك الجماعة؟
الشيخ: لا يجوز له إذا كان وحده لا يجوز له، بل يصلي مع الناس؛ لأن الجماعة واجبة.
أما إذا كانوا عدد اثنين فأكثر فهم مخيرون، إن شاءوا صلوا وحدهم قصراً وإن شاءوا صلوا مع الأئمة في المساجد وأتموا أربعاً. نعم.
فتاوى ذات صلة