حكم بيع التورق والفرق بينه وبين بيع العينة

السؤال:
أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من قطر باعثها أخونا محمد فهد القحطاني، الأخ محمد يسأل سؤالين في سؤاله الأول يقول: ما الحكم فيمن اشترى بعض السلع من شخص بمبلغ معين لأجل مسمى، وباع هذه السلع في نفس الوقت على شخص آخر بسعر أقل من سعر الشراء لحاجته للمال في ذلك الوقت؟

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه المعاملة يسميها بعض الفقهاء التورق، ويسميها بعض العامة الوعدة، وهي أن يشتري سلعة إلى أجل ثم يبيعها بثمن أقل نقدًا لحاجته إلى النقد ليتزوج، أو ليقضي دينًا عليه، أو ليعمر سكنًا له، أو غير ذلك من الأغراض، وهذه المعاملة لا بأس بها على الصحيح.
قد كرهها بعض أهل العلم، ومنع منها؛ لأنها في المعنى بيع نقود بنقود بواسطة السلعة، ولكن الصواب أنه لا حرج فيها، والناس محتاجون إلى هذه المعاملة لقضاء حوائجهم، وهي داخلة في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[البقرة:282].. الآية، فهي مداينة، فإذا كان البائع عنده السلعة موجودة في ملكه، وفي حوزته، ثم باعها إلى أجل معلوم، أو بأقساط إلى آجال معلومة؛ فلا بأس بذلك، لكن ليس له أن يبيع ما ليس عنده ثم يذهب فيشتريه لا، إنما يبيع ما كان عنده، وفي حوزته، وفي قبضته؛ لأنه ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال لحكيم بن حزام لما سأل عن هذا قال: لا تبع ما ليس عندك، إن حكيمًا سأله قال: «يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد السلعة، وليست عندي فأبيعها عليه، ثم أذهب فأشتريها؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: لا تبع ما ليس عندك، وصح عنه أنه قال: لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك.
فليس له أن يبيع سيارة أو غيرها لم يملكها بل سوف يذهب فيشتريها، أما إذا كانت السيارة عنده، أو الخام، أو الرز، أو نحو ذلك عنده في ملكه، وفي حوزته، في بيته، أو في متجره، أو في السوق قد ملكه فلا بأس أن يبيعه إلى أجل مسمى أو إلى آجال لا حرج في ذلك، ولا حرج على المشتري أن يبيعه أيضًا بأقل أو بأكثر، أو بالمساوي إذا قبضه أيضًا هو المشتري إذا قبضه، وحازه، وصار في ملكه ونقله من ملك البائع فإنه يبيعه بعد ذلك على من يشاء، ولا يبيعه على من اشتراه منه، لا يبيعه عليه، بل يبيعه على غيره، أما إذا باعه عليه بأقل من الثمن صارت مسألة العينة ولا تجوز، أما إن باعه على من باع عليه بمثل ما اشتراه به، يعني: تغيرت الأحوال، أو باع عليه بأكثر فلا بأس، لكن لا يبيعها على من اشتراها منه بأقل فإن ذلك لا يجوز لأنه بيع العينة وهي أن يشتري سلعة بثمن في الذمة أو مؤجل، ثم يبيعها على من اشتراها منه بأقل فهذا هو عين الربا؛ لأنه حيلة على أن يأخذ دراهم قليلة بالدراهم الكثيرة إلى أجل فلا يجوز.
لكن إذا باع السلعة على غير من اشتراها منه، باعها في السوق، باعها على شخص آخر بثمن نقد ليقضي حاجته فلا بأس بذلك، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
فتاوى ذات صلة